تصحيح التاريخ
كانت أخطر حملات التشهير علي الدولة العثمانية أنها حرمت مصر من أبرز علمائها وعمالها, وقد أمر السلطان سليم الأول سنة1517 بترحيل مجموعة من العلماء والفنيين بلغ عددهم1800 مصري إلي اسطنبول, وقرر المؤرخون أن حرمان مصر من هذا العدد قد أضر بالحياة الفكرية والصناعات فبطلت من مصر50 صنعة.
والواقعة صحيحة, ولكن لها بقية كتبها الأوروبيون المؤرخون عنا.
إن ترحيل هؤلاء العمال لم يستمر غير ثلاث سنوات, وبعد هذه السنوات الثلاث أصدر السلطان سليم فرمانا بعودة جميع العلماء والعمال إلي مصر حين علم أن خروجهم من مصر قد أضر بها.
وبرغم صدور هذا الفرمان السلطاني رفض المصريون العودة إلي بلادهم وفضلوا البقاء في اسطنبول, فقد طابت لهم الحياة هناك.
ولما أدرك السلطان سليم أن المصريين يرفضون مغادرة بلاده ويؤثرون الإقامة فيها علي عودتهم إلي مصر, أصدر فرمانا لاحقا سنة1521 أمر فيه بشنق كل مصري يرفض العودة إلي مصر أو يتباطأ في العودة إليها.
بعد هذا الفرمان عاد الجميع إلي مصر, واتخذت عودتهم شكل ظاهرة طرأت علي المجتمع المصري.
وقد سر المؤرخون المصريون مثل ابن إياس من هذا القرار ودعوا للسلطان بالنصر لأنه أجبر المصريين علي العودة إلي بلادهم.
وقد عادت بعودة هؤلاء المصريين كل الصناعات التي توقفت برحيلهم.
هذه هي الحقيقة التي يكشفها كتاب الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الشناوي الدولة العثمانية دولة إسلامية مفتري عليها.
عادت بعودة العمال المصريين كل الصناعات التي توقفت برحيلهم الي اسطنبول.. هذا ما يقوله د.عبدالعزيز الشناوي
وقد تعرضت الدولة العثمانية لافتراء يشبه الافتراء الذي تعرض له الاسلام حين ظهر وانتشر
وكانت الأسباب واحدة في الحالتين.
وقد نشط المؤرخون والمستشرقون في توجيه الضربات الي سلاطين هذه الدولة, واختصوا بالذكر آخر السلاطين.
في البداية اطلقوا عليه اسم الرجل المريض, وشاع الاسم واستمر الهجوم الغربي عليه.. كانت عبارة الرجل المريض ترسم ظلال النهاية عليه فهو رجل مريض مرض الموت, وورثته يضربون حوله نطاقا محكم الجدران, ويحسب كل واحد فيهم حظه من الميراث الذي تكالب عليه اللصوص.
من صور هذا الافتراء ما كتبه المؤرخون الاوروبيون المتحاملون علي الدولة العثمانية, فقد ذكروا جزءا من الحقيقة واخفوا بقية الحقيقة, ولم يكن هذا هو الافتراء الوحيد علي الدولة العثمانية.
لقد اتهمت هذه الدولة بأنها فرضت العزلة علي البلاد التي فتحتها ومنعت انتقال المواطنين بين اجزاء الدولة, والصحيح هو العكس فقد ابيح الانتقال بين اجزاء الدولة المختلفة دون قيد أو شرط, كما عقد السلطان سليم معاهدة مع جمهورية البندقية لتشجيع البنادقة علي ممارسة نشاطهم في مصر.
ايضا أغفل المؤرخون ذكر الدور الذي لعبته الدولة العثمانية في صد البرتغاليين وصرفهم عن مخطط كان يستهدف مكة المكرمة لهدم الكعبة, وقد كانت اعظم خدمة ادتها الدولة العثمانية للاسلام انها وقفت في وجه الزحف الصليبي الاستعماري البرتغالي للبحر الاحمر والاماكن الاسلامية المقدسة في أوائل القرن السادس عشر الميلادي.
ويمضي كتاب الدكتور عبدالعزيز الشناوي وهو يصحح التاريخ فيقول ما للدولة العثمانية وما عليها, ويقدم حسناتها وسيئاتها مستهدفا وجه الحقيقة شأن الصادقين من رجال العلم.
منقول: موقع محاورات المصريين
http://www.egyptiantalks.org/invb/in...howtopic=48143